الخميس، يونيو 29، 2006

عجوز في الثلاثين!!

كانت أمنيتي في الماضي حين كنت طفلا صغيرا أن أكون مذيعا لامعا أو أن أكون نجما سيمائيا شهيرا أو على الأقل شاعرا مرموقا.. وللحق كنت أرى في نفسى -ومازلت بالمناسبة- كل ذلك مجتمعا.. وحين اصطدمت بالعقبة المسماة في ثقافتنا المصرية المباركة الثانوية العامة كنت قد قررت أن ألتحق بكلية الإعلام لأحقق هذا الحلم الذي راودني، أن أكون مذيعا وبعدها أسبح في بحار الشهرة وأعانق سماء النجومية.. كنت وقتها رياضيا، ممشوق القامة، وسيما -إلى حد ما- وفوق كل ذلك متحدث جيد وأمتلك صوتا يقال لي إنه متميز.. وكانت الصدمة.. (مجموعك يا أستاذ مايدخلكش إعلام.. فرقت معاك نص في المية).. تساءلت وقتها ماذا أفعل؟ أأترك الحلم؟ لا.. بأي كلية ألتحق إذن؟ الآداب..ليس هناك غيرها.. وأي قسم؟ إنه اللغة العربية، وهل هناك غيره يساعدني على أن أن أكون ما أريد؟! هكذا كنت أتصور بالطبع.. وتوكلت على الله..
التحقت بكلية الآداب ولن أخوض في تفصيلات كثيرة.. كل ما أريد أن أقول هو أنني لم أكن (دحاحا).. فقط كنت ملتزما، وإلى جانب ذلك كنت أفهم، وفوق هذا وذاك كان هناك توفيق غير عادي.. إذا وضعت كل هذه الأمور بجانب بعضها البعض ستصنع توليفة رائعة.. توليفة صنعت ما لم أكن أتوقع أو أسعى إليه وقتها.. فبعد إعلان نتيجة التيرم الأول اكتشفت أني الأول.. وتغير الطموح.. قررت أن أستمر الأول.. أن أكون معيدا ثم دكتورا، وحين يحدث ذلك ستسعى كل نوافذ الإعلام إلي.. هي التي ستطاردني.. وتوكلت على الله وقد كان..
الأول على الدفعة.. هذا كان ترتيبي بعد السنوات الأربع، وانتظرت الخطوة الثانية ولكنها لم تأت سريعا.. انتظرت عامين.. كانت لي تجربة رائعة خلالها مع التدريس في إحدى المدارس الخاصة (سأتحدث عنها فيما بعد)، وأخيرا جاءت الخطوة التالية.. أصبحت معيدا (يا فرحتي!!).. كنت أنظر إلى كل أستاذ درس لي على أنه الملك المتوج.. على أنه القديس الذي لا يخطئ.. كان هذا قبل تعييني.. ولكني اكتشفت الحقيقة المنطقية التي لم أكن أراها.. أنهم في النهاية بشر.. ولكن لا بأس.. سأحاول أن أجبر الجميع على الشعور بي.. على الإحساس بإمكانياتي التي أراها -ومن يعرفني جيدا- كبيرة.. ولكن هل يعطيني أحد منهم الفرصة في ظل هذا المجتمع الذي يفرض على الجميع أن ينهمك فقط في نفسه. كنت أبحث وسطهم عن الشيخ.. الشيخ الحق؛ حتى أكون مريده لأروي عطشي من علمه وقدوته وأخلاقه و...، ولكن هيهات..
سنوات أربع مرت على تعييني.. والآن أتساءل: هل حققت ما كنت أصبو إليه؟ بالطبع لا.. لم يشعر أحد بي.. ماتت مواهبي.. لم أعد الشاعر.. لم أعد الممثل الرائع.. غاب عن أذني صوت التهاني والإشادة بقدراتي التمثيلية والإذاعية.. لم أعد حتى ذلك الشاب الوسيم الرياضي ممشوق القوام. أصبحت عجوزا في سن الثلاثين.. والآن ماذا أفعل؟ هل أبقى على ذلك.. هل أسير في نفس الطريق؟ أم أغير الاتجاه علني ألتمس طريقا آخر أستعيد خلاله ما سقط مني.. سهوا؟